كل لما احب..حلوه اوي اوي

المشهد(حجرة نوم واسعة, يتضح من أول وهلة أنا غالية ذات ذوق عال, مرتبة لأقصى حد, لا يوجد بها إلا شخص واحد منهمكا في شئ ما يفعله علي المكتب الذي يعلوه مصدر الضوء الوحيد في الحجرة.
تدخل الأم من باب الحجرة و تقترب من الابن, لكنه لا يعبأ بها و يستمر فيما كان يفعله.
تقترب الأم أكثر من الابن و تتحسس جبهته بيدها عدة مرات, عندها يستدير الابن إليها سائلا.
- في حاجة يا ماما؟
- ما أنت عادى يعني
- عادى ازاى؟
- لا أنت سخن و لا حاجة
- و انتى عايزة تسخنيني ليه؟
- لا بعد الشر عليك, أنا قصدي قاعد من أسبوع ف البيت عمال تذاكر, ترجع من الكلية تنام بعدين تدخل تذاكر
- عادي, مش أنا طالب؟ شغلتي اني أذاكر
- طالب آه.... طب إيه اللي جد يا طالب خلاك تشد حيلك كده و تذاكر؟
- يعني.... حسيت اني لازم أرضيكي خصوصا انك تعبانه معايا, بر الوالدين بقي نعمل إيه...أمي و لازم أرضيها
- أمك آه... وأنت لسه عارف إن ليك أم عايز ترضيها الأسبوع ده, أنا بقالي 15 سنة أنا و أبوك- الله يرحمه- بنبوس ايدك عشان تذاكر,إيه اللي حصل؟
- عادي يا ماما, يعني لا كده عاجب و لا كده عاجب
- (مستنكرة) لا أنا الكلام ده ما يدخلش عليا, فهمني الحكاية
- (بخجل) لازم
- أيوه..اعملي فيها مكسوف, يله مشكلتك إني فهماك كويس

تجلس الأم بجانبه عل الكرسي المجاور مشجعة إياه علي الكلام.

- هاه..قول بقي
- في الحقيقة
- ياه..وله خلصني, حتفعد تقولي في الحقيقة و ف الواقع..خلص
- أصلي..أصلي...بحب
- أيوه
- خلاص
- خلاص إيه؟
- قولت
- إيه بالضبط
- السبب
- اللي هو
- اني..بحب
- بتحب..مين يعني واحد صاحبك
- صاحبي إيه يا ماما, بحب واحدة
- أنا مش عارفة إيه ماسورة الحب اللي ضاربة في البيت دى, أخوك اللي لسه ف سنة تالتة ابتدائي ة اللي كان بيكره الفرنساوي كره العمى, دلوقتى بقي يحبه و كل ما أشوفه بيذاكر ألاقيه بيذكره هوه بس
- إيه السبب؟
- مس الفرنساوي يا سيدي..عجباه قوى و عايز يعمل أي حاجة يثبتلها حبه ليها
- حبه؟ حب إيه
- الواد اللي لسه ما طلعش م البيضة بيحب و كمان...

يفتح الباب فجأة قاطعا كلامها و إذا بشيء قصير يدخل و يقول بأعلى صوته

- أنا مش عيل
- أنت بتجسس علينا يا بن ال..., امشى روح ذاكر
- خلصت مذاكرة
- طب روح اتفرج عالتلفزيون
- و الله
- و الله
- انتي اللي قولتي
- خلاص...روح
- يعني مش حتزعقى
- لا مش حزعق
- (بصوت عال) هيييييييييييه

تلفت الأم للابن لتستكمل معه الحديث لتجده يكمل مذاكرته بنفس الجدية و الحماس

- يا مثبت العقل غ الدماغ يا رب, يا بني ارحم نفسك شويه حرام
- (تاركا الكتب) أيوه يا ماما, كنا بنقول إيه؟
- إن سيادتك بتحب
- آه فعلا
- و بعدين
- بس
- أيوه إيه علاقة الحب بالمذاكرة؟
- مش عارف,كل ما أحبها أكتر, تلاقيني بذاكر أكتر
- يا سلام
- يمكن مفيش حاجة اثبت نفسي بيها دلوقتي غير المذاكرة

تبتسم الأم, وتنظر إليه متأملة سارحة

- إيه..روحتي فين
- فكرتي بأبوك
- الله يرحمه,كان يشبهني و هو شاب
- يعني مع اختلاف بسيط
- اللي هو
- أبوك كان طول عمره شاطر,يعني ف السنة الأولي من الكلية جاب امتياز- ما كنش لسه يعرفني- ف السنة التانية بدأ يشوفني و يحاول يكلمني...جاب جيد جدا, ف السنة التالتة بدأنا نتكلم و نتعرف و نقرب من بعض جاب جيد, و ف الرابعة اتخطبنا...
- (مقاطعا) خلاص خلاص...معروفة
- هي إيه اللي معروفة؟
- جاب مقبول
- مقبول..أوعي أسمعك تقول كده تاني علي أبوك..قال مقبول قال
- أمال عمل إيه؟
- شال مادتين

ينفجر الاثنين في الضحك الهستيري لمدة دقائق

- لا فعلا, مختلف عني اختلاف بسيط
- (محاولة التوقف عن الضحك) آه..الله يرحمه..كان طيب, امشى أنا بقى
- إيه علي فين؟
- أسببك تذاكر
- يا ماما..ما انتى قاعدة
- يلا..فرصة تانية

تهم بالانصراف لكنها تقف قبل الباب بقليل سائلة ابنها

- أنت قولت إيه؟
- (بتعجب) ما قولتش حاجة
- الشعار بتاعك
- شعار إيه؟
- أيوه...كل ما أحب..كل ما أحب أذاكر أكتر..إيه رأيك؟
- يا سلام يا ماما.. شاعرة من يومك, والله تنفع أغنية
- مش للدرجة دي, ده مجرد شعار, و كفاية قوي يكون للإنسان شعار في حياته...كمل مذاكرتك

ينهمك الابن في المذاكرة و قد زاد حماسه و جهده, بينما الأم لا تزال تراقبه من فتحة الباب الصغيرة, و تقول بصوت خافت

- ربنا يسعدك يبني

ثم تغلق الباب في هدوء.


تمت