هل آن الأوان كى يقفز حلمى بموهبته وقدراته فوق أسوار هذه المرحلة، ليتيح لموهبته مجالا أوسع للتعبير، من دون أن يقع فى فخ التكرار والاستسهال؟
السؤال بالطبع لا يلمح إلى محدودية قدرات حلمي، ولا ينال من موهبته، لكنه يراهن على ذكائه كممثل أثبت خلال سنوات قليلة أنه أكثر أبناء جيله تميزا، والمرشح الأول لأطول استمرار فى مقعد النجومية.
فرغم أن أفلامه لا تبحر نحو قضايا مهمة، أي بعيدة فكرا عن أي "كلام كبير" أو شعارات، إلا إنها محكمة الصياغة فنيا وإلى حد جعله فى مكانة متميزة وسط أبناء جيله من المضحكين الجدد، وهو ما أهله أيضا لكسر كل الأطواق التى تحكم صناعة السينما، وتقديم 3 أفلام خلال عام واحد فى سابقة لم تشهدها الساحة السينمائية منذ فترة، مما دفع نجوم جيله للسير على نفس دربه، وإن كان حلمي سيظل الأكثر تميزا بينهم لحرصه على عدم الوقوع في فخ التبسيط أو التسطيح..
فى "مطب صناعي" أحدث أفلامه، لم يبتعد حلمى كثيرا عن الإطار أو النمط الدرامى الذى قدمه فى معظم أفلامه، رغم اختلاف التفاصيل من عمل لآخر، نفس نموذج الشاب الذى يعيش على هامش الحياة وينتظر فرصة للتحقق مثل غيره من شباب هذا الجيل حيث البطالة أبرز همومهم التى يعانون منها، ما يدفع "ميمي" أو أحمد حلمى فى الفيلم لترك بلده الصغير الإسماعيلية والسفر للعاصمة آملا أن تفتح له ذراعيها وتمنحه مكانا تحت شمسها وهو مالا يتحقق واقعيا، إذ يصطدم بصعوبة الحياة وأن المهنة التى ترك بلده من أجلها ليست أكثر من مشرف على عمال البناء فى إحدى العمارات، ورغم هامشية المهنة وتعارضها مع أحلام "ميمي" العريضة، إلا أنه يقبلها دون قيد أو شرط، غير متصور أنها ستكون بداية طريقه للثراء والنجاح والذى طالما حلم به، فمن شباك عمله يتمكن من التدخل فى الوقت المناسب لإنقاذ ابنة الرجل الثرى فى الفيلا المجاورة، لتكون هذه الصدفة بداية علاقة قوية تربطه بتلك الطفلة وعائلتها قبل أن يتعرض والدها "عزت أبو عوف" لحادث اعتداء مدبر من قبل ابن أخيه الطامع فى ثروته "أحمد سعيد عبد الغني" فيدخل على إثره في غيبوبة ويترك ممتلكاته في يد ميمى الذى يضطر لقبول المهمه وفقا للوصية التى تركت باسمه، ومنحته سلطة اتخاذ كافة القرارات، ووفقا لـ"كتالوج" الشر المتداول فى السينما المصرية لايهدأ ذلك الشرير، ويظل يحيك المؤامرات الواحدة تلو الأخرى ضد ميمى الذى ينجح فى تجاوزها بذكاء قبل أن يستفيق صاحب المال ويباشر مهامه بنفسه، و"توته توته" تنتهى الحكاية والتى لم تحمل جديدا بين طياتها، اللهم إلا التأكيد على أهمية استصلاح الأرض بوصفها طريقا للخلاص من البطالة وغيرها من المشاكل الاقتصادية التى يعانى منها المجتمع، رغم أنها فكرة مستهلكة من قبل السينما المصرية كثيرا بوصفها إحدى الحلول، خاصة وأنها تتكسر غالبا على صخرة الواقع، مما يجعلنا نسأل هل هو فقط حرص السينما على منح شبابنا الأمل في غد أفضل؟
ورغم أن السيناريو الذى كتبه طارق الأمير فى هذه التجربة الثانية له بدا أكثر تماسكا من حيث البناء أو اعتماده على كوميديا الموقف بعكس تجربته الأولى مع محمد سعد فى كتكوت حيث الإفيه كان هو سيد الموقف، إلا أنه وقع في فخ مجاملة حلمى بمنحه فرصة التواجد فى كل إطار وهو خطأ كان على حلمى والمخرج وائل إحسان تداركه خاصة أن سينما النجم الأوحد لم يعد لها نفس التواجد على الساحة بعدما أعلنت الجماهير انحيازها للسينما الجماعية حتى لو كانت بتوقيع نجم من نجوم الملايين..
كالعادة لعبت عفوية حلمى وتلقائيته الدور الرئيسى فى سد كل الفجوات و الثغرات التى اختل فيها منطق الدراما، يضاف لذلك حرص وائل إحسان على ضبط إيقاع فيلمه مشيرا الى أن هناك رجلا يقف خلف الكاميرا وليست الأمور مجرد قص ولصق وهو ما نجح فيه وائل وفى كل أفلامه التى جمعته بحلمى "يعد هذا الفيلم التعاون الثالث بينهما" وهذا مايؤكد حرص حلمى على بذل كل مالديه من جهد فى حدود المتاح لإخراج الفيلم متماسكا الى أقصى حد، رغم بساطة الأفكار المنتمية للسائد والمتداول سينمائيا، فهل آن الأوان ليحلق حلمى بموهبته وقدراته بعيدا عن تلك الأطواق التى تكبل موهبته وتحصرها فى مساحات محدوده رغم أنه أكثر أبناء جيله تميزا والمؤهل الوحيد غالبا للتربع مستقبلا على نجومية المشهد السينمائى بروافده المتعددة وليس الكوميديا فقط.. ؟
فى مطب صناعي غاب الجميع فيما عدا حلمي، اللهم إلا الفنان أحمد راتب الذى نجح فى إضفاء حضوره رغم محدودية المساحة التى أطل من خلالها عكس نور أو عزت أبو عوف اللذين رفعا شعار لماذا تتعب أكثر طالما بإمكانك ألا تتعب؟!.